الدكتور باولو كازازيان
اخصائي الأمراض النسائية
شعور داخلي نابعٌ من عمق التفكير الكامل بالفرح والسلام الداخليين، إنه عطاء محب بلا حدود، بلا شروط ولا أوامر، يحمل رؤى وعبق صباحات أيام واعدة، وشراع يتوارى ليطوي الرياح على موعد لمرسى قريب، تربى في كنف عائلة طبية بإمتياز، والده طبيبا هاغوب كازازيان، اختصاصي في الأمراض الجلدية، مؤلفاً لكتاب يدرس في الجامعات الإيطالية، والدته الطبيبة الإختصاصية “Ginecolog”، وجده كولونيل في الجيش الإيطالي طبيباً أيضاً، مواليد منطقة “زحلة” ـ لبنان، عروسة البقاع، والذي يحمل الجنسية الإيطالية من أمه، تخصص بإختصاص “PC General” في مدينة بارما ـ إيطاليا، ومن ثم في اختصاص “NMT” “Yn/obs” في مدينة ميلانو ـ إيطاليا، بالإضافة إلى اختصاصه بالأمراض النسائية، عمل في كلا من إيطاليا وسويسرا، وعاد إبان عام 1982م، متزوج وزوجته صيدلانية لبنانية ولديه أبناء، رئيساً لتجمع الأطباء الأرمن التابع لنقابة أطباء لبنان، عمل تسع سنوات طبيباً بالمحكمة الروحية الأرمنية، عضواً بلجنة المدارس الأرمنية المرتبطة بالمطرانية، رئيساً لمستشفى العازونية ـ الشوف، العاملة منذ ستون عاماً، وهي الوحيدة في لبنان تعالج أمراض السل، عضواً في إدارة مستشفى الحريري منذ ثمان سنوات، متطوعاً بالصليب الأحمر الأرمني، شارك في العديد من الأنشطة الصحية والإقتصادية والإجتماعية التي تعود بالخير للوطن والشعب اللبناني عامة من دون أن يتعاطى السياسة، يعتز بلبنانيته، وبجذوره الأرمنية، إنه الدكتور باولو كازازيان، وكان لنا معه هذا اللقاء الغني،،،،،
*لماذا اخترتم الطب كعلم ثم كمهنة؟
ـ السبب الحقيقي هو أنني من عائلة غالبيتها أطباء، بالرغم من نصيحة والدي لي بعدم دراسة الطب، لأنها مهنة متعبة للغاية جسدياً ونفسياً، ولكنني كنت مؤمن بأن السعادة هي في العطاء وفي مساعدة الأخرين، وصممت على دراسة الطب، وامتهاني لها كمهنة، ولكن الإختصاص بالأمراض النسائية لم يكن هدفي ولكنه قدري العمل به.
*ما هي الأسباب؟
ـ بعد مرض والدتي بمرض السرطان، عدنا إلى إيطاليا ولم أجد عملاً في ذات المكان الذي كنت فيه، فاضطريت للتخصص بإختصاص الأمراض النسائية للعمل في مكان آخر، وبعدها عدنا إلى لبنان إبان الحرب الأهلية عام 1982م، لإيماني بأن أبناء الوطن هم بأمس الحاجة لي أكثر من الخارج، وإنني مؤمن بأن المال ليس هو كل شئ في الحياة، والعامل الإنساني هو أكثر أهمية من العنصر المادي.
*ما هي مقومات النجاح في مهنة الطب النسائي، هل يكفي النجاح بهذا الإختصاص، أما أنه لا بد أن يضيف عليه؟
ـ في مهنة الطب النسائي وفي جميع الإختصاصات الطبية، لا بد من الثقة والإحترام بين الطبيب والمريض، بالإضافة إلى عامل الصبر والتفهم لحالة المريض، فهي عوامل أساسية لنجاح أي طبيب في مهنته، وعلى الطبيب الإطلاع على كل ما هو جديد من حيث التطور العلمي والتكنولوجي حتى يمكن الطبيب من الإضافة إلى مهنته، وخدمة المريض بأفضل السبل الممكنة.
*أحدث ما توصل له العلم في الطب النسائي؟
ـ ما زال التكنيك الطبي كما هو، ولكن ما نشهده اليوم من التنظير الطبي “ُEchografy”، جهاز الرنين المغناطيسي “MRI”، جهاز “Scaner”، وهذا ساعد للغاية في التشخيص الطبي، ومعرفة حالة المريض.
*في محاولة للمقارنة “الإختصاص داخل لبنان وخارجه، ما هي إيجابيته وسلبياته؟
ـ ليس هناك سلبيات أو إيجابيات، جميع ذلك يعتمد على مهارة الطبيب، يقال أن من يتخصص في الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا هم أكثر براعة من الأطباء الذين تخصصوا في بلدان مثل روسيا أو أوكرانيا أو غيرها، بإعتقادي إن مهارة الطبيب ومعرفته هي التي تحدد مقدار نجاحه أو عدمه.
*ما هي أهم الصعوبات التي تواجهونها؟
ـ الوضع الإقتصادي المتأزم للناس يجعلنا بحالة إرتباك، المريضة وخوفها من مواجهة المصاريف المترتبة من الفحوصات وإلى غير ذلك، فيصبح عملنا أكثر صعوبة.
*نجد أن مرض سرطان عنق الرحم الأكثر شيوعاً بين النساء، ولكن شهدنا انخفاضه في السنوات الماضية، ما هو الفحص الذي تم خلاله كشف الورم، وكيفية علاجه؟
ـ عدم ظهور أعراض واضحة له في بداياته يجعله أخطر نظراً لصعوبة اكتشافه في مرحلة مبكرة، هناك اختبار سهل يعرف بإختبار “الإزازه” يجري في عيادة الطبيب أو في المستشفى لكشف خلايا عنق الرحم السرطانية، ساهم في انخفاض نسبة الوفيات الناتجة عن الإصابة بسرطان عنق الرحم بشكل مهم نتيجة إنتشار هذا الإختبار، ولكن كغيره لا يعتبر مضمونا بنسبة مئة بالمئة، ولا يكشف في بعض الأحيان الإختلالات الموجودة في خلايا عنق الرحم، إلا أن الفحوص الدورية تساعد في تخطي مشكلة نتائج الفحوص غير الصحيحة، وهذا الكشف غير مكلف ويساعد على تجنب حدوث هذا النوع من الأمراض وهو مرتبط بالوعي لدى الناس، على سبيل المثال في أوروبا، قاموا بتطبيق برنامج وهو بإمكان المريضة أثناء تسوقها في السوبرماركت، تجد هناك إشارة باللون الأحمر” ضيع خمس دقائق من وقتك واكسب خمس سنوات من عمرك”، ليس بالضروره الذهاب إلى بروفيسور أو إلى الطبيب، هناك بطاقة خاصة توضح نوعية الفحص، ويطلب العودة بعد فترة محددة إما تكون سلبية أو إيجابية، ويطلب مراجعة الطبيب، لو أننا نقوم بتطبيق هذه الأمور حينها نتدارك الكثير من الأمراض، إن الوعي هو دليل على حضارة الشعوب.
*الكلمة الأخيرة؟
ـ إنني طبيب عملت في الخارج، هناك الدولة تؤمن للمريض العديد من الأمور، بحيث يقوم الطبيب بملأ الإستمارة للمريض لإجراء الفحوصات، ويتم ذلك دون الإحساس بأي تكاليف باهظة على المريض، في لبنان عكس ذلك، يواجه المريض مشاكل عدة والشعور الطبيب بإرتباكه ومحاولته مساعدة المريض، فالطب في لبنان أصعب بكثير من الخارج، ولكنني إنسانياً في تفكيري وشعوري، وأشعر برضى تام من قراري بالبقاء في لبنان لخدمة أبناء وطني.
فريال دبوق